فصل: 1243 - مسألة‏:‏ إخْرَاجَ أَحَدهما ذَهَبًا وَالآخَرُ فِضَّةً أَوْ عَرَضًا

مساءً 8 :15
/ﻪـ 
1446
جمادى الاخرة
29
الإثنين
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **


1243 - مسألة‏:‏

فَإِنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا ذَهَبًا وَالآخَرُ فِضَّةً أَوْ عَرَضًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ أَصْلاً، إِلاَّ بِأَنْ يَبِيعَ أَحَدُهُمَا عَرَضَهُ أَوْ كِلاَهُمَا حَتَّى يَصِيرَ الثَّمَنُ ذَهَبًا فَقَطْ، أَوْ فِضَّةً فَقَطْ، ثُمَّ يَخْلِطَا الثَّمَنَ كَمَا قَدَّمْنَا، وَلاَ بُدَّ لِمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ‏.‏ أَوْ يَبِيعَ أَحَدُهُمَا مِنْ الآخَرِ مِمَّا أَخْرَجَ بِمِقْدَارِ مَا يُرِيدُ أَنْ يُشَارِكَهُ بِهِ حَتَّى يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ بَيْنَهُمَا مَخْلُوطًا لاَ يَتَمَيَّزُ، وَلاَ بُدَّ لِمَا ذَكَرْنَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

1244 - مسألة‏:‏

وَمُشَارَكَةُ الْمُسْلِمِ لِلذِّمِّيِّ جَائِزَةٌ، وَلاَ يَحِلُّ لِلذِّمِّيِّ مِنْ الْبَيْعِ وَالتَّصَرُّفِ إِلاَّ مَا يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِ، لأََنَّهُ لَمْ يَأْتِ قُرْآنٌ، وَلاَ سُنَّةٌ بِالْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ‏.‏ وَقَدْ عَامَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ خَيْبَرَ وَهُمْ يَهُودُ بِنِصْفِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا عَلَى أَنْ يَعْمَلُوهَا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَهَذِهِ شَرِكَةٌ فِي الثَّمَنِ، وَالزَّرْعِ، وَالْغَرْسِ‏.‏ وَقَدْ ابْتَاعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا مِنْ يَهُودِيٍّ بِالْمَدِينَةِ وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ فَمَاتَ عليه السلام وَهِيَ رَهْنٌ عِنْدَهُ وَذَكَرْنَاهُ بِإِسْنَادِهِ فِي ‏"‏ كِتَابِ الرَّهْنِ ‏"‏ مِنْ دِيوَانِنَا هَذَا فَهَذِهِ تِجَارَةُ الْيَهُودِ جَائِزَةٌ وَمُعَامَلَتُهُمْ جَائِزَةٌ وَمَنْ خَالَفَ هَذَا فَلاَ بُرْهَانَ لَهُ‏.‏

وَرُوِّينَا عَنْ إيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ‏:‏ لاَ بَأْسَ بِمُشَارَكَةِ الْمُسْلِمِ لِلذِّمِّيِّ إذَا كَانَتْ الدَّرَاهِمُ عِنْدَ الْمُسْلِمِ وَتَوَلَّى الْعَمَلَ لَهَا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَكَرِهَ ذَلِكَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ جُمْلَةً‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ مِنْ عَجَائِبِ الدُّنْيَا تَجْوِيزُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ‏:‏ مُعَامَلَةَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَإِنْ أَعْطَوْهُ دَرَاهِمَ الْخَمْرِ وَالرِّبَا ثُمَّ يَكْرَهُونَ مُشَارَكَتَهُ حَيْثُ لاَ يُوقِنُ بِأَنَّهُمْ يَعْمَلُونَ بِمَا لاَ يَحِلُّ، وَهَذَا عَجَبٌ جِدًّا‏.‏

وَأَمَّا نَحْنُ فَإِنَّا نَدْرِي أَنَّهُمْ يَسْتَحِلُّونَ الْحَرَامَ، كَمَا أَنَّ فِي الْمُسْلِمِينَ مَنْ لاَ يُبَالِي مِنْ أَيْنَ أَخَذَ الْمَالَ إِلاَّ أَنَّ مُعَامَلَةَ الْجَمِيعِ جَائِزَةٌ مَا لَمْ يُوقِنْ حَرَامًا، فَإِذَا أَيْقَنَاهُ حَرُمَ أَخْذُهُ مِنْ كَافِرٍ أَوْ مُسْلِمٍ‏.‏

وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ قَالَ‏:‏ قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِي الْمُضَارِبِ وَفِي الشَّرِيكَيْنِ‏:‏ الرِّبْحُ عَلَى مَا اصْطَلَحَا عَلَيْهِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ هِشَامٍ أَبِي كُلَيْبٍ، وَعَاصِمِ الأَحْوَلِ، وَإِسْمَاعِيلَ الأَسَدِيِّ قَالَ إسْمَاعِيلُ‏:‏ عَنْ الشَّعْبِيِّ، وَقَالَ عَاصِمٌ‏:‏ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَقَالَ هِشَامٌ‏:‏ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، قَالُوا كُلُّهُمْ فِي شَرِيكَيْنِ أَخْرُج أَحَدُهُمَا مِائَةً، وَالآخَرُ مِائَتَيْنِ‏:‏ إنَّ الرِّبْحَ عَلَى مَا اصْطَلَحَا عَلَيْهِ، وَالْوَضِيعَةَ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ‏.‏

قال علي‏:‏ هذا صَاحِبٌ لاَ يُعْرَفُ لَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ وَقَدْ خَالَفَهُ الْحَنَفِيُّونَ، وَالْمَالِكِيُّونَ، وَخَالَفُوا مَعَهُ مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ التَّابِعِينَ‏.‏

1245 - مسألة‏:‏

فَإِنْ أَخَذَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ حَسَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَنَقَصَ بِهِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ ذَلِكَ الْقَدْرَ الَّذِي أَخَذَهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ إِلاَّ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ لَهُ‏.‏ وَلاَ يَحِلُّ لأََحَدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُنْفِقَ إِلاَّ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ، وَلاَ مَزِيدَ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ الأَمْوَالَ مُحَرَّمَةٌ عَلَى غَيْرِ أَرْبَابِهَا، فَإِنْ تَكَارَمَا فِي ذَلِكَ جَازَ مَا نَفِدَ بِطِيبِ نَفْسٍ، وَلَمْ يَلْزَمْ فِي الْمُسْتَأْنَفِ إنْ لَمْ تَطِبْ بِهِ النَّفْسُ‏.‏

1246 - مسألة‏:‏

وَمَنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا يُعَاوِنُهُ فِي خِيَاطَةٍ أَوْ نَسْجٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ بِنِصْفِ مَا يَرِدُ أَوْ بِجُزْءٍ مُسَمًّى مِنْهُ‏:‏ فَهُوَ بَاطِلٌ وَعَقْدٌ فَاسِدٌ، وَلَهُ بِقَدْرِ مَا يَعْمَلُ، وَلاَ بُدَّ، فَإِنْ تَكَارَمَا بِذَلِكَ عَنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَهُوَ جَائِزٌ مَا دَامَ بِطِيبِ نُفُوسِهِمَا بِذَلِكَ فَقَطْ‏.‏ لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَنْسَوْا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ‏}‏ وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ‏.‏

1247 - مسألة‏:‏

وَمَنْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا الدَّابَّةُ مُشْتَرَكَةً لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَشَارَطَا اسْتِعْمَالَهَا بِالأَيَّامِ، لأََنَّهُ شَرْطٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَقَدْ يَسْتَعْمِلُهَا أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ مِمَّا يَسْتَعْمِلُهَا الآخَرُ، وَالأَمْوَالُ مُحَرَّمَةٌ عَلَى غَيْرِ أَرْبَابِهَا إِلاَّ بِطِيبِ أَنْفُسِهِمْ، فَإِنْ تَكَارَمَا فِي ذَلِكَ جَازَ مَا دَامَ بِطِيبِ أَنْفُسِهِمْ بِذَلِكَ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يُطَيِّبَ نَفْسَهُ مِنْ مَالِهِ بِمَا شَاءَ مَا لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ ذَلِكَ نَصٌّ‏.‏

وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الْعَبْدِ، وَالرَّحَى، وَغَيْرِ ذَلِكَ‏.‏ فَإِنْ تَشَاحَّا فَلِكُلِّ أَحَدٍ مِنْهُمَا عَلَى الآخَرِ نِصْفُ أُجْرَةِ مَا اسْتَعْمَلَ فِيهِ ذَلِكَ الشَّيْءَ الْمُشْتَرَكِ، أَوْ مِقْدَارَ حِصَّتِهِ مِنْ أُجْرَتِهَا، فَإِنْ آجَرَهَا فَحَسَنٌ، وَالْأُجْرَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمَا فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ‏.‏

1248- مسألة‏:‏

وَمَنْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا سِلَعٌ مُشْتَرَكَةٌ ابْتَاعَاهَا لِلْبَيْعِ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ أَجْبَرَ شَرِيكَهُ عَلَى الْبَيْعِ، لأََنَّهُمَا عَلَى ذَلِكَ تَعَاقَدَا الشَّرِكَةَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِلْبَيْعِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْبَيْعِ مَنْ لاَ يُرِيدُهُ، لأََنَّهُ لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ نَصٌّ‏.‏ وَمَنْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا دَابَّةٌ، أَوْ عَبْدٌ، أَوْ حَيَوَانٌ، أُجْبِرَا عَلَى النَّفَقَةِ، وَعَلَى مَا فِيهِ صَلاَحُ كُلِّ ذَلِكَ‏.‏ وَمَنْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا أَرْضٌ لَمْ يُجْبَرْ مَنْ لاَ يُرِيدُ عِمَارَتَهَا عَلَى عِمَارَتِهَا، لَكِنْ يَقْتَسِمَانِهَا وَيَعْمُرُ مَنْ شَاءَ حِصَّتَهُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ لِيُزْرِعْهَا أَخَاهُ أَوْ لِيُمْسِكْ أَرْضَهُ‏.‏ وَمَنْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا دَارٌ، أَوْ رَحَى، أَوْ مَا لاَ يَنْقَسِمُ، أُجْبِرَا عَلَى الْإِصْلاَحِ لِنَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ، وَلِكُلِّ أَوَامِرِهِ حَقُّهَا مِنْ الطَّاعَةِ لاَ يَحِلُّ ضَرْبُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ‏.‏ وَبَيْعُ الشَّرِيكِ فِيمَا اشْتَرَكَا فِيهِ لِلْبَيْعِ جَائِزٌ عَلَى شَرِيكِهِ وَابْتِيَاعُهُ كَذَلِكَ، لأََنَّهُمَا عَلَى ذَلِكَ تَعَاقَدَا فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَكِيلٌ لِلآخَرِ، فَإِنْ تَعَدَّى مَا أَمَرَهُ بِهِ فَبَاعَ بِوَضِيعَةٍ، أَوْ إلَى أَجَلٍ، أَوْ اشْتَرَى عَيْبًا فَعَلَيْهِ ضَمَانُ كُلِّ ذَلِكَ، لأََنَّهُ لَمْ يُوَكِّلْهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، فَلاَ يَجُوزُ لَهُ فِي مَالِ غَيْرِهِ إِلاَّ مَا أَبَاحَهُ لَهُ‏.‏ وَلاَ يَجُوزُ إقْرَارُ أَحَدِهِمَا عَلَى الآخَرِ فِي غَيْرِ مَا وَكَّلَهُ بِهِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ ابْتِيَاعٍ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا‏}‏‏.‏ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إذَا أَرَادَ الأَنْفِصَالَ فَلَهُ ذَلِكَ‏.‏ وَلاَ تَحِلُّ الشَّرِكَةُ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، لأََنَّهُ شَرْطٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ بَاطِلٌ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏ تَمَّ ‏"‏ كِتَابُ الشَّرِكَةِ ‏"‏ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ‏"‏‏.‏